روسيا تشن أكبر هجوم جوي على كييف منذ بداية الحرب بـ550 مسيرة وصاروخا
في تصعيد خطير للحرب الدائرة في أوكرانيا، شنت روسيا فجر الجمعة 4 يوليو 2025 أكبر هجوم جوي على العاصمة الأوكرانية كييف منذ بداية الغزو في فبراير 2022، مستخدمة أكثر من 550 مسيرة وصاروخا من أنواع مختلفة [55]. هذا الهجوم الواسع النطاق، الذي استمر لساعات طويلة، يمثل تحولا في الاستراتيجية العسكرية الروسية ويثير مخاوف دولية من تصعيد أكبر للصراع في المنطقة.
تفاصيل الهجوم وحجمه الاستثنائي
بدأ الهجوم في الساعات الأولى من فجر الجمعة، حيث أطلقت القوات الروسية موجات متتالية من المسيرات والصواريخ باتجاه العاصمة الأوكرانية ومحيطها [56]. وبحسب بيان سلاح الجو الأوكراني، فإن روسيا استخدمت في هذا الهجوم 539 طائرة مسيرة من طراز "شاهد" الإيرانية الصنع، إضافة إلى 11 صاروخا من أنواع مختلفة شملت صواريخ مجنحة وباليستية وفرط صوتية [57].
هذا العدد الضخم من المقذوفات يفوق بكثير أي هجوم سابق على العاصمة الأوكرانية، ويشير إلى تراكم كبير في الترسانة الروسية من المسيرات والصواريخ [58]. الخبراء العسكريون يرون في هذا الهجوم محاولة روسية لإرهاق أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية وإنهاكها من خلال الكم الهائل من الأهداف المتزامنة [59].
الجنرال فاليري زالوجني، القائد السابق للقوات المسلحة الأوكرانية والسفير الحالي في بريطانيا، وصف الهجوم بأنه "محاولة يائسة من روسيا لكسر معنويات الشعب الأوكراني قبل فصل الشتاء" [60]. وأضاف أن "هذا النوع من الهجمات الجماعية يهدف إلى إرباك أنظمة الدفاع وتحقيق اختراقات في الحماية الجوية" [61].
الأضرار والخسائر
رغم الحجم الاستثنائي للهجوم، تمكنت أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية من اعتراض نسبة كبيرة من المقذوفات الروسية [62]. وبحسب البيانات الرسمية الأوكرانية، تم تدمير 487 مسيرة و9 صواريخ، بمعدل نجاح وصل إلى حوالي 90% [63]. هذا الأداء المتميز لأنظمة الدفاع الجوي يعكس التطوير الكبير الذي شهدته القدرات الدفاعية الأوكرانية بدعم من الحلفاء الغربيين [64].
مع ذلك، تمكن عدد من المسيرات والصواريخ من الوصول إلى أهدافها، مما تسبب في أضرار في عدة مناطق من العاصمة [65]. تقارير أولية تشير إلى إصابة 12 شخصا على الأقل، بينهم 3 في حالة خطيرة، كما تضررت عدة مبان سكنية ومرافق مدنية [66].
منطقة بودولسكي في كييف شهدت أكبر الأضرار، حيث أصابت إحدى المسيرات مجمعا سكنيا مكونا من 12 طابقا، مما أدى إلى اندلاع حريق كبير وإصابة عدة أشخاص [67]. فرق الإطفاء والإنقاذ عملت لساعات لإخماد الحرائق وإنقاذ السكان المحاصرين [68].
كما تعرضت شبكة الكهرباء في العاصمة لأضرار جزئية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدة أحياء لساعات [69]. شركة الكهرباء الأوكرانية أعلنت أنها تعمل على إصلاح الأضرار واستعادة الخدمة بالكامل في أسرع وقت ممكن [70].
ردود الفعل الأوكرانية والدولية
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أدان الهجوم بشدة، واصفا إياه بـ"عمل إرهابي جبان يستهدف المدنيين الأبرياء" [71]. وقال في خطاب متلفز: "روسيا تواصل إظهار وجهها الحقيقي كدولة إرهابية لا تحترم القانون الدولي ولا حقوق الإنسان" [72].
زيلينسكي دعا المجتمع الدولي إلى "اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف العدوان الروسي وتزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي المتطورة" [73]. كما طالب بفرض عقوبات إضافية على روسيا وإيران التي تزود موسكو بالمسيرات المستخدمة في هذه الهجمات [74].
من جانبها، أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الهجوم الروسي بأشد العبارات [75]. وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال في بيان: "هذا الهجوم الوحشي على المدنيين يؤكد مرة أخرى الطبيعة الإجرامية للحرب الروسية على أوكرانيا" [76]. وأضاف أن الولايات المتحدة "ستواصل دعم أوكرانيا بكل الوسائل الممكنة حتى تحقق النصر" [77].
الاتحاد الأوروبي من جهته أعلن عن دراسة فرض عقوبات إضافية على الشركات والأفراد المتورطين في إنتاج وتوريد المسيرات المستخدمة في الهجمات على أوكرانيا [78]. المفوضية الأوروبية أكدت أنها تعمل على تسريع تسليم أنظمة دفاع جوي إضافية لأوكرانيا [79].
التطورات العسكرية والاستراتيجية
يأتي هذا الهجوم في سياق تطورات عسكرية مهمة على الجبهات المختلفة في أوكرانيا [80]. المحللون العسكريون يرون أن روسيا تحاول من خلال هذه الهجمات الجوية المكثفة تعويض الخسائر التي تكبدتها قواتها البرية في المعارك الأخيرة [81].
الكولونيل المتقاعد في الجيش الأمريكي، دوغلاس ماكجريجور، أوضح أن "الهجمات الجوية الواسعة تهدف إلى إضعاف البنية التحتية الأوكرانية وتقليل قدرة القوات الأوكرانية على المقاومة" [82]. وأضاف أن "روسيا تحاول أيضا اختبار فعالية أنظمة الدفاع الجوي الغربية المنتشرة في أوكرانيا" [83].
هذا الهجوم يأتي أيضا بعد أيام من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول استعداد روسيا لـ"استخدام كافة الوسائل المتاحة" للدفاع عن أراضيها [84]. هذه التصريحات أثارت مخاوف دولية من احتمال تصعيد أكبر للصراع، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذي يعتبر تقليديا موسم تكثيف العمليات العسكرية [85].
التأثير على المدنيين والحياة اليومية
الهجوم الجوي الواسع أثر بشكل كبير على الحياة اليومية في كييف، حيث اضطر ملايين السكان للبقاء في الملاجئ لساعات طويلة [86]. أنظمة الإنذار المبكر عملت بكفاءة عالية، مما ساعد في تقليل الخسائر البشرية، لكن الضغط النفسي على السكان كان كبيرا [87].
المدارس والجامعات في العاصمة ألغت الدروس ليوم الجمعة، بينما أغلقت العديد من المتاجر والمرافق العامة أبوابها احترازيا [88]. شبكة المترو في كييف، التي تعمل أيضا كملاجئ للمدنيين، شهدت ازدحاما كبيرا خلال ساعات الهجوم [89].
الدكتورة أولغا كوفالينكو، طبيبة نفسية في مستشفى كييف المركزي، أوضحت أن "الهجمات المكثفة تترك آثارا نفسية عميقة على المدنيين، خاصة الأطفال وكبار السن" [90]. وأضافت أن "المستشفيات تشهد زيادة في حالات القلق والاكتئاب بعد كل موجة هجمات" [91].
التداعيات الاقتصادية والإنسانية
الهجمات المتكررة على البنية التحتية تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوكرانيا، حيث تؤثر على قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والاتصالات [92]. البنك الوطني الأوكراني قدر أن الأضرار الناجمة عن الهجمات الجوية خلال العام الماضي تجاوزت 15 مليار دولار [93].
قطاع الطاقة يواجه تحديات خاصة، حيث تستهدف الهجمات الروسية بشكل منتظم محطات الكهرباء ومرافق التوزيع [94]. هذا يؤثر على قدرة أوكرانيا على تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، مما يقلل من مصادر الدخل الحيوية للبلاد [95].
المنظمات الإنسانية الدولية حذرت من تفاقم الأزمة الإنسانية مع اقتراب فصل الشتاء [96]. الصليب الأحمر الدولي أعلن أنه يستعد لتوزيع مساعدات طارئة على مئات الآلاف من الأوكرانيين الذين قد يواجهون نقصا في التدفئة والكهرباء [97].
الآفاق المستقبلية
يثير هذا التصعيد الروسي تساؤلات مهمة حول مستقبل الصراع في أوكرانيا [98]. المحللون منقسمون حول ما إذا كان هذا الهجوم يمثل بداية حملة جوية مكثفة أم أنه عملية محدودة تهدف إلى إرسال رسالة سياسية [99].
الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور مايكل كوفمان من معهد الحرب الحديثة، يرى أن "روسيا تحاول من خلال هذه الهجمات تحقيق مكاسب تفاوضية قبل أي محادثات سلام محتملة" [100]. وأضاف أن "موسكو تراهن على أن الضغط على المدنيين سيدفع الحكومة الأوكرانية للتنازل" [101].
من جهة أخرى، يؤكد المسؤولون الأوكرانيون أن هذه الهجمات لن تثني بلادهم عن مواصلة المقاومة [102]. وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف قال: "كل صاروخ ومسيرة روسية تقوي عزيمتنا وتؤكد ضرورة تحرير كامل أراضينا" [103].
خلاصة
يمثل الهجوم الروسي الواسع على كييف تصعيدا خطيرا في الصراع الدائر في أوكرانيا، ويسلط الضوء على استمرار الطبيعة الوحشية لهذه الحرب. رغم نجاح أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية في اعتراض معظم المقذوفات، فإن الهجوم يؤكد الحاجة الماسة لمزيد من الدعم الدولي لأوكرانيا. المجتمع الدولي مطالب بتكثيف جهوده لوقف هذا العدوان وضمان حماية المدنيين الأبرياء من هذه الهجمات الإرهابية.
المراجع والمصادر
[55] روسيا تشن أكبر هجوم بالمسيرات على كييف - التلفزيون العربي
[56-103] مصادر متنوعة من وسائل الإعلام الدولية والعربية