الحرب الجوية الإسرائيلية الإيرانية تتصاعد مع دخول الصراع يومه السادس
تجد منطقة الشرق الأوسط نفسها في مفترق طرق خطير حيث دخلت الحرب الجوية بين إسرائيل وإيران يومها السادس يوم الأربعاء، مع قيام كلا البلدين بشن ضربات صاروخية جديدة رغم تزايد الضغط الدولي لتهدئة التصعيد. لقد جذب الصراع مشاركة أمريكية غير مسبوقة، حيث طالب الرئيس دونالد ترامب بـ"الاستسلام غير المشروط" لإيران بينما يزن إمكانية مشاركة عسكرية أعمق في المنطقة.
بدأ أحدث تصعيد في الساعات الأولى من صباح الأربعاء عندما أفاد الجيش الإسرائيلي بإطلاق وابلين منفصلين من الصواريخ الإيرانية باتجاه الأراضي الإسرائيلية خلال الساعتين الأوليين من اليوم [1]. تردد صدى الانفجارات عبر تل أبيب بينما عمل نظام الدفاع "القبة الحديدية" على اعتراض المقذوفات الواردة، بينما قامت القوات الإسرائيلية في الوقت نفسه بتنفيذ ضرباتها الخاصة في عمق الأراضي الإيرانية.
في خطوة جريئة بشكل خاص، أصدرت القوات الإسرائيلية تحذيرات إخلاء للمقيمين في المناطق الجنوبية الغربية من طهران، مما يشير إلى نيتها في ضرب المنشآت العسكرية الإيرانية في قلب عاصمة الجمهورية الإسلامية. أفادت وسائل الإعلام الإيرانية أن الطائرات الإسرائيلية كانت تستهدف جامعة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في الجزء الشرقي من طهران، بالإضافة إلى منشأة خوجير للصواريخ الباليستية ذات الأهمية الاستراتيجية بالقرب من العاصمة [1].
يمثل نطاق وشدة الصراع الحالي أكبر مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران في عقود. وفقاً لمعهد دراسة الحرب، نفذت القوات الإسرائيلية 197 غارة جوية مؤكدة أو مبلغ عنها على أهداف إيرانية منذ بدء الحملة الجوية في 12 يونيو [2]. لقد استهدف هذا القصف المستمر البنية التحتية الحيوية والمنشآت العسكرية وما يصفه المسؤولون الإسرائيليون بالمرافق المرتبطة بالأسلحة النووية.
خطاب ترامب المتصاعد والمشاركة الأمريكية
كانت استجابة الرئيس ترامب للأزمة غير متوقعة بشكل مميز، حيث مزج التهديدات العسكرية مع المبادرات الدبلوماسية في سلسلة من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي زادت من عدم اليقين حول النوايا الأمريكية. مساء الثلاثاء، نشر ترامب تحذيراً صارخاً على منصة Truth Social: "نحن نعرف بالضبط أين يختبئ ما يسمى بـ'المرشد الأعلى'. لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس الآن... صبرنا ينفد" [1].
بعد ثلاث دقائق، تبع ترامب ذلك بإعلان واحد مشؤوم: "الاستسلام غير المشروط!" تمثل هذه المنشورات بعضاً من أكثر التهديدات المباشرة التي أطلقها رئيس أمريكي في منصبه ضد القيادة الإيرانية، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية للإدارة وإمكانية المشاركة العسكرية الأمريكية.
خلف الكواليس، كان ترامب منخرطاً بنشاط في إدارة الأزمة، حيث عقد اجتماعاً لمدة 90 دقيقة مع مجلس الأمن القومي يوم الثلاثاء بعد الظهر لمناقشة خيارات الاستجابة [1]. تشير مصادر مطلعة على المناقشات إلى أن الإدارة تدرس مجموعة من الاحتمالات، بما في ذلك الخطوة غير المسبوقة المتمثلة في الانضمام إلى إسرائيل في ضربات مباشرة ضد المرافق النووية الإيرانية.
بدأت الولايات المتحدة بالفعل في إعادة تموضع الأصول العسكرية في المنطقة، حيث نشرت طائرات مقاتلة إضافية في الشرق الأوسط ومددت نشر الطائرات الحربية الموجودة [1]. بينما حدت القوات الأمريكية حتى الآن من مشاركتها في التدابير الدفاعية، بما في ذلك المساعدة في اعتراض الصواريخ المطلقة نحو إسرائيل، فإن التعزيز العسكري يشير إلى الاستعداد لمشاركة أعمق محتملة.
موقف إيران المتدهور
كشف الهجوم الإسرائيلي المستمر عن نقاط ضعف كبيرة في قدرات الدفاع الإيرانية وشبكة النفوذ الإقليمية. تفيد مصادر استخباراتية أن الدائرة الداخلية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تعرضت لخطر شديد، حيث قُتل مستشاروه العسكريون والأمنيون الرئيسيون في الضربات الإسرائيلية [1]. أجبر هذا الخرق الأمني غير المسبوق القيادة الإيرانية على تنفيذ تدابير استثنائية، بما في ذلك حظر كامل على استخدام المسؤولين لأجهزة الاتصالات والهواتف المحمولة.
أضافت أبعاد الحرب السيبرانية للصراع طبقة أخرى من التعقيد، حيث أفادت وسائل الإعلام الإيرانية أن إسرائيل شنت "حرباً سيبرانية ضخمة" ضد البنية التحتية الرقمية الإيرانية [1]. يمثل هذا النهج متعدد المجالات تطوراً جديداً في الحروب الشرق أوسطية، حيث يجمع بين الضربات الجوية التقليدية والهجمات الإلكترونية المتطورة المصممة لشل أنظمة القيادة والسيطرة.
تعرضت شبكة الوكلاء الإقليمية الإيرانية، التي كانت حجر الزاوية في استراتيجيتها الشرق أوسطية لعقود، للتدهور المنهجي على مدى الأشهر الثمانية الماضية. منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي أدى إلى حرب غزة، استهدفت إسرائيل بشكل منهجي الجماعات المدعومة من إيران عبر المنطقة، من حماس في غزة إلى حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ومختلف الميليشيات في العراق [1]. إن الإطاحة الأخيرة بالرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الإيراني الرئيسي، عزلت طهران أكثر دبلوماسياً واستراتيجياً.
الأبعاد النووية والاستجابة الدولية
أضاف الجانب النووي للأزمة إلحاحاً للجهود الدبلوماسية الدولية. أطلقت إسرائيل حملتها الجوية الحالية بعد أن خلصت إلى أن إيران كانت على وشك تطوير قدرات الأسلحة النووية [1]. دعمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا التقييم، والتي أعلنت أن إيران تنتهك التزاماتها بعدم الانتشار لأول مرة في ما يقرب من 20 عاماً.
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الثلاثاء أن ضربة إسرائيلية أصابت مباشرة قاعات التخصيب تحت الأرض في منشأة نطنز النووية، أحد أهم مراكز معالجة اليورانيوم في إيران [1]. بينما تحتفظ إيران بأن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، فإن استهداف هذه المرافق يمثل تصعيداً كبيراً في النزاع طويل الأمد حول الطموحات الذرية لطهران.
أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته لن تتراجع حتى يتم تعطيل قدرات التطوير النووي الإيرانية بالكامل [1]. ومع ذلك، يلاحظ المحللون العسكريون أن إسرائيل تواجه قيود كبيرة في قدرتها على توجيه ضربة حاسمة للمرافق المدفونة بعمق مثل موقع فوردو للتخصيب، والذي تم بناؤه تحت جبل وقد يتطلب قدرات أمريكية لاختراق المخابئ لتدميره بفعالية.
التأثير الإنساني والاقتصادي
تستمر التكلفة البشرية للصراع في الارتفاع، حيث أفاد المسؤولون الإيرانيون بمقتل 224 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بينما أكدت إسرائيل 24 ضحية مدنية [1]. خلق نزوح السكان على كلا الجانبين أزمة إنسانية، مع إجلاء سكان المدن الكبرى أو فرارهم إلى مناطق أكثر أماناً.
تمتد الآثار الاقتصادية إلى ما هو أبعد من المتحاربين المباشرين، حيث تبقى أسواق النفط العالمية في حالة تأهب قصوى بعد الضربات على البنية التحتية الحيوية للطاقة. استهدفت الهجمات الإسرائيلية حقل بارس الجنوبي للغاز، أكبر مخزون للغاز الطبيعي في العالم المشترك بين إيران وقطر [1]. أي اضطراب كبير في هذا المرفق يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى على إمدادات الطاقة العالمية والأسعار.
أثار الصراع أيضاً مخاوف حول استدامة التبادل العسكري الحالي. وفقاً لتحليل صحيفة واشنطن بوست، كلا البلدين يستنزفان بسرعة مخزونهما من الصواريخ، حيث يبدو أن شدة وابل إيران تتراجع مع استنزاف مخزونها، بينما تستهلك إسرائيل اعتراضات صاروخية باهظة الثمن بمعدل غير مستدام [3].
الآثار الإقليمية والعالمية
يتكشف الصراع الإسرائيلي الإيراني على خلفية عدم الاستقرار الأوسع في الشرق الأوسط والتحالفات العالمية المتغيرة. تمثل الطبيعة المستمرة للتبادل الحالي انحرافاً عن الأنماط السابقة للضربات المحدودة والمتبادلة، مما يشير إلى أن كلا الجانبين قد يكون مستعداً لمواجهة طويلة الأمد.
عبر القادة الدوليون عن قلق متزايد حول إمكانية تحول الصراع إلى حرب إقليمية أوسع. أشار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، متحدثاً في قمة مجموعة السبع في كندا، إلى أنه بينما لم تكن هناك علامة فورية على دخول أمريكي في الصراع، فإن الوضع بقي متقلباً للغاية [1].
سلطت الأزمة الضوء أيضاً على العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. بينما دعم ترامب علناً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، تواجه إدارته ضغطاً لمنع تصعيد الصراع إلى حرب أوسع يمكن أن تجذب القوات الأمريكية وتزعزع استقرار أسواق الطاقة العالمية.
مع دخول الصراع أسبوعه الثاني، يواجه المجتمع الدولي تحدي إيجاد حلول دبلوماسية لمنع المزيد من التصعيد مع معالجة القضايا الأساسية التي جلبت المنطقة إلى هذا المنحدر الخطير. من المرجح أن تثبت الأيام القادمة أنها حاسمة في تحديد ما إذا كان التبادل الحالي يمكن احتواؤه أم أن الشرق الأوسط يتجه نحو أهم مواجهة عسكرية له في عقود.
المراجع
[1] رويترز. "الحرب الجوية الإسرائيلية الإيرانية تدخل يومها السادس، ترامب يدعو إلى استسلام إيران غير المشروط". 18 يونيو 2025. https://www.reuters.com/world/americas/israel-iran-air-war-enters-sixth-day-trump-calls-irans-unconditional-surrender-2025-06-17/
[2] معهد دراسة الحرب. "تقرير خاص عن تحديث إيران، 17 يونيو 2025، طبعة مسائية". 17 يونيو 2025. https://www.understandingwar.org/backgrounder/iran-update-special-report-june-17-2025-evening-edition
[3] واشنطن بوست. "الصراع الإسرائيلي الإيراني قد يستمر فقط طالما صواريخهما صامدة". 17 يونيو 2025. https://www.washingtonpost.com/world/2025/06/17/israel-iran-missile-conflict/
[4] بي بي إس نيوز آور. "مشتبه به في إطلاق النار في مينيسوتا كان لديه قائمة بعشرات الأهداف الديمقراطية المحتملة، كما يقول المدعون". 17 يونيو 2025. https://www.pbs.org/newshour/politics/minnesota-shooting-suspect-had-a-list-of-dozens-of-potential-democratic-targets-prosecutors-say
[5] أسوشيتد برس. "مشروع قانون ترامب الضريبي سيوسع العجز بمقدار 2.8 تريليون دولار بعد حساب الآثار الاقتصادية، كما يقول مكتب الميزانية في الكونغرس". 17 يونيو 2025. https://apnews.com/article/cbo-trump-tax-cuts-budget-deficit-355a929637110adf1712df882360a995
[6] سي إن إن بيزنس. "كرافت هاينز ستزيل جميع الأصباغ الاصطناعية من أطعمتها، امتثالاً لمطالب روبرت ف. كينيدي جونيور". 17 يونيو 2025. https://www.cnn.com/2025/06/17/business/kraft-heinz-artificial-food-dye-wellness
[7] إيه بي سي نيوز. "وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم تدخل المستشفى بسبب رد فعل تحسسي". 17 يونيو 2025.